ومن الحب ما يقتل ” قصه حقيقية “
مثل أي شاب يطمح في تكوين أسرة سعيدة ، قرر صاحبنا الزواج وطلب من أهله البحث عن فتاة مناسبه ذات خلق ودين ، وكما جرت العادات والتقاليد حين وجدوا إحدى قريباته وشعروا بأنها تناسبه ذهبوا لخطبتها ولم يتردد أهل البنت في الموافقه لما كان يتحلى به صاحبنا من مقومات تغري أي أسرة بمصاهرته ..
وسارت الأمور كما يجب وأتم الله فرحتهم ، وفي عرس جميل متواضع اجتمع الأهل والأصحاب للتهنئة وشيئاً فشيئاً من بعد الزواج وبمرور الأيام لاحظ المحيطين بصاحبنا هيامه وغرامه الجارف لزوجته وتعلقه الكبير بها وبالمقابل استغرب أهل البنت عدم مفارقة ذكر زوجها من لسانها .. أي نعم هم يؤمنون بالحب ويعلمون أنه يزداد بالعشره ولكن الذي لا يعلمونه أو لم يخطر لهم ببال أنهم سيتعلقون ببعضهمالى هذه الدرجة !!
بعد مرور ثلاث سنوات على زواجهم بدأوا يواجهون الضغوط من أهاليهم في مسألة الإنجاب لأن الآخرين ممن تزوجوا معهم في ذلك التاريخ أصبح لديهم طفل أو اثنين وهم مازالوا كما هم ، وأخذت الزوجه تلح على زوجها أن يكشفوا عند الطبيب عل وعسى أن يكون أمراً بسيطاً ينتهي بعلاج أو توجيهات طبية .. وهنا وقع مالم يكن بالحسبان , حيث اكتشفوا أن الزوجة عقيم !!
بدأت التلميحات من أهل صاحبنا تكثر ، والغمز واللمز يزداد أكثر وأكثر الى أن صارحته والدته وطلبت منه أن يتزوج بثانية ويطلق زوجته أو يبقيها على ذمته بغرض الانجاب من أخرى , فطفح كيل صاحبنا الذي جمع أهله وقال لهم بلهجة الواثق من نفسه : أتظنون أن زوجتي عقيم؟! إن العقم الحقيقي لا يتعلق بالإنجاب وكل ما أنا متأكد منه أن الإنجاب في المشاعر الصادقة والحب الطاهر العفيف ومن ناحيتي ولله الحمد تنجب لي زوجتي في اليوم الواحد أكثر من مائة مولود وراضي بها وهي راضيه بي ولا أريدكم أن تذكروا لي هذا الموضوع مرة أخرى !!
وأصبح العقم الذي كانوا يتوقعون وقوع فراقهم به ، سبباً اكتشفت به الزوجه مدى التضحيه والحب الذي يكنه صاحبنا لها ..
بعد مرور أكثر من تسع سنوات قضاها الزوجين على أروع ما يكون من الحب والرومانسيه بدأت تهاجم الزوجه أعراض مرض غريبه اضطرتهم الى الكشف عليها بقلق في أحد المستشفيات ، والذي بدوره حولهم الى (مستشفى تخصصي) وهنا زاد القلق لمعرفة الزوج وعلمه أن المحولين الى هذا المستشفى عادة ما يكونون مصابين بأمراض خطيرة وبعد تشخيص الحاله واجراء اللازم من تحاليل وكشف طبي صارح الأطباء زوجها بأنها مريضة بداء عضال حجم المصابين به معدود على الأصابع في الشرق الأوسط ، وأنها لن تعيش كحد أقصى أكثر من خمس سنوات بأي حال من الأحوال والأعمار بيد الله !!
ولكن الذي كان يزيد الألم والحسره أن حالتها ستسوء في كل سنة أكثر من سابقتها , وأن الأفضل إبقائها في المستشفى لتلقى الرعاية الطبيه اللازمه الى أن يأخذ الله أمانته !!
لم يخضع الزوج لصدمة الأطباء ورفض إبقائها لديهم وقاوم أعصابه كي لا تنهار وعزم على تجهيز شقته بالمعدات الطبيه اللازمه لتهيئة الجو المناسب كي تتلقى زوجته به الرعاية فابتاع ما تجاوزت قيمته ال (عشرة آلاف دولار) من أجهزة ومعدات طبية وجهز بها شقته لتستقبل زوجته بعد الخروج من المستشفى وكان أغلب المبلغ المذكور قد تدينه بالاضافه الى سلفه اقترضها من البنك واستقدم لزوجته ممرضة متفرغة كي تعاونه في القيام على حالتها ، وتقدم بطلب لادارته ليأخذ إجازه من دون راتب ، ولكن مديره رفض لعلمه بمقدار الديون التي تكبدها , فهو في أشد الحاجه لكل ريال من الراتب ، فكان أثناء دوامه يكلفه بأشياء بسيطه ما أن ينتهي منها حتى يأذن له رئيسه بالخروج ، وكان أحيانا لا يتجاوز وجوده في العمل الساعتين ويقضي باقي ساعات يومه عند زوجته يلقمها الطعام بيده ، ويضمها الى صدره ويحكي لها القصص والرويات ليسليها وكلما تقدمت الأيام زادت الآلام ، والزوج يحاول جاهداً التخفيف عنها ..
وكانت الزوجة قد أعطت ممرضتها صندوقاً صغيراً وطلبت منها الحفاظ عليه وعدم تقديمه لأي كائن كان ، إلا لزوجها اذا وافتها المنية !!
وفي يوم الاثنين مساء بعد صلاة العشاء كان الجو ممطراً وصوت زخات المطر حين ترتطم بنوافذ الغرفه يرقص لها القلب فرحا…أخذ صاحبنا ينشد الشعر على حبيبته ويتغزل في عينيها ، فنظرت له نظرة المودع وهي مبتسمة له … فنزلت الدمعة من عينه لادراكه بحلول ساعة الصفر… وشهقت بعد ابتسامتها شهقة خرجت معها روحها وكادت تأخذ من هول الموقف روح زوجها معها !!
ولا أرغب في تقطيع قلبي وقلوبكم بذكر ما فعله حين توفاها الله ولكن بعد الصلاة عليها ودفنها بيومين جاءت الممرضه التي كانت تتابع حالة زوجته فوجدته كالخرقة البالية فواسته وقدمت له صندوقاً صغيراً قالت له بأن زوجته طلبت منها أن تقدمه له بعد ان يتوفاها الله .. فماذا وجد بالصندوق؟!
زجاجة عطر فارغة ، وهي أول هدية قدمها لها بعد الزواج … وصورة لهما في ليلة زفافهم وكلمة “أحبك في الله ” منقوشة على قطعة مستطيلة من الفضة وأعظم أنواع الحب هو الذي يكون في الله ورسالة قصيرة سأنقلها كما جاء في نصها تقريباً مع مراعاة حذف الأسماء واستبدالها بصلة القرابة :
الرساله
زوجي الغالي .. لا تحزن على فراقي فوالله لو كتب لي عمر ثاني لاخترت أن أبدأه معك ولكن أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد ..
أخي فلان : كنت أتمنى أن أراك عريساً قبل وفاتي ..
أختى فلانه : لا تقسي على أبنائك بضربهم فهم أحباب الله ولا يحس بالنعمة غير فاقدها ..
عمتي فلانه (أم زوجها) : أحسنتي التصرف حين طلبتي من ابنك أن يتزوج من غيري لأنه جدير بمن يحمل اسمه من صالح الذريه باذن الله
كلمتي الأخيره لك يا زوجي الحبيب أن تتزوج بعد وفاتي حيث لم يبقى لك عذر , وأرجو أن تسمى أول بناتك بأسمي ، واعلم أني سأغار من زوجتك الجديده حتى وأنا في قبري !!